ابن سينا
هو أبو علي الحسين ابن عبد الله الملقب بالشيخ الرئيس. ولد ابن سينا سنة 980 ميلادية
في قرية أفشنة قرب بخارى في تركستان أو ما يعرف حاليا بجمهورية أزبكستان
. وقد حفظ القرآن عندما بلغ من العمر عشر سنين. وعندما بلغ من العمر واحدا وعشرين عاما
غادر بخارى ليقضي باقي عمره متنقلا بين مختلف المدن الفارسية.
ولما توفي سنة 1037 ميلادية كان يعد وقتئذ أحد عباقرة الفلسفة في الإسلام،
وفي الطب فقد وضع في مصاف جالينوس حيث أطلق عليه لقب جالينوس الإسلام.
وبسبب شهرته الواسعة فقد تسابق للاحتفال بذكراه عدة شعوب،
والأتراك هم أول من احتفلوا بذكراه
عندما أقاموا عام 1937 مهرجانا ضخما بمناسبة مرور تسعمائة سنة على وفاته.
ثم حذا حذوهم العرب والفرس حيث أقيم مهرجانان للاحتفال به في كل من بغداد عام 1952
ثم في طهران عام 1954. وفي عام 1978
دعت منظمة اليونسكو كل أعضاءها للمشاركة في احتفال إحياء ذكرى مرور ألف عام
على ولادة ابن سينا، وذلك اعترافا بمساهماته في مجال الفلسفة والطب.
وبالفعل فقد استجاب كل أعضاء المنظمة وشاركوا في الاحتفال الذي أقيم عام 1980.
ألف ابن سينا 276 مؤلفا، كلها كتبت بالعربية باستثناء بضع مؤلفات صغيرة كتبها بلغته الأم الفارسية.
إلا أنه وللأسف فقد فقدت أكثر هذه المؤلفات ولم تصل إلينا.
ويوجد حاليا 68 مؤلفا منتشرا بين مكتبات الشرق والغرب.
كتب ابن سينا في كل فروع العلم التي كانت منتشرة في ذلك الوقت،
إلا أنه أكثر ما اهتم به هو الفلسفة والطب.
وبعض المؤرخين المعاصرين يعتبرونه فيلسوفا أكثر منه طبيبا،
إلا أن آخرين يعتبرونه أمير الأطباء في القرون الوسطى.
وقد صنف بعضهم مؤلفات ابن سينا وفق ما تحويه فكانت كالتالي:
43 مؤلفا في الطب، 24 مؤلفا في الفلسفة، 26 مؤلفا في الطبيعيات،
31 مؤلفا في علوم الدين، 23 مؤلفا في علم النفس، 15 مؤلفا في الرياضيات،
22 مؤلفا في المنطق، 5 مؤلفات في علوم تفسير القرآن
. بالإضافة لعدة رسائل في الزهد والعشق والموسيقى وبعض القصص.
كتاب القانون في الطب: يعتبر أكثر مؤلفات ابن سينا أهمية في الطب، وقد كتبه بالعربية، ووصفه أحد الأطباء الغربيين
وهو William Osler بأنه أشهر كتاب طبي على الإطلاق.
ويعد هذا الكتاب فريدا من نوعه، إذ يمثل وثيقة تحوي كل علوم الطب منذ أقدم الأزمنة
(كالطب الفرعوني الإغريقي والهندي) وحتى عصر ابن سينا.
وتميز هذا الكتاب بعرضه مواضيع الطب وفق خطة منهجية قريبة جدا
لما تتبعه الكتب الطبية المدرسية الحديثة، خصوصا فيما يتعلق بطريقة سرد الأمراض
من حيث التعرض لتصنيف الأمراض ثم ذكر أسبابها وأعراضها وعلاماتها وسرايتها
ثم ذِكْر علاجها وإنذارها.
ويمكننا القول بأن حسن ترتيب كتاب القانون فضلا على شموليته جعلاه الأكثر انتشارا
في الأوساط العلمية الطبية في كل من الشرق والغرب وذلك حتى أواخر القرن السابع عشر.
لقد عرف الغرب كتاب القانون من خلال الترجمة اللاتينية له التي قام بها جيرارد الكريموني
وذلك في القرن الخامس عشر.
وترجم أيضا إلى اللغة العبرية وطبع عدة مرات آخرها كان في بداية القرن التاسع عشر.
بقي كتاب القانون قيد الاستعمال خاصة في جامعة لوفيان ومومبلييه
وذلك حتى أواخر القرن السابع عشر. وقد ورد في المجلة التي تصدرها اليونسكو
في عدد تشرين الأول من عام 1980، أن كتاب القانون ظل قيد الاستخدام
في جامعة بروسل وذلك حتى عام 1909.
قام كثير من الأطباء المسلمين بوضع شروحات لكتاب القانون، والبعض منهم قام باختصاره.
وأشهر تلك الاختصارات كتاب الموجز في الطب الذي كتبه ابن النفيس الدمشقي الذي توفي عام 1288.
ابتدأ ابن سينا كتابه القانون بتعريفه للطب قائلا: " الطب علم يتعرف منه أحوال بدن الإنسان
من جهة ما يصح ويزول عن الصحة ليحفظ الصحة حاصلة ويستردها زائلة".
يتألف كتاب القانون من خمسة كتب:
الكتاب الأوليبحث في تعريف الطب ويشرح أغراضه، كما يتكلم فيه عن الأمزجة والأخلاط
وتشريح الجسم ووظائف الأعضاء. وقد ورد فيه ذكر لبعض الأمراض وأسبابها وعلاجها.
الكتاب الثانيوهو خاص بعلم العقاقير، أو الأدوية المفردة، ويحتوي عددا كبيرا من النباتات الطبية
أكثرها فارسي المنشأ، وبعضها من أصل يوناني أو هندي أو صيني أو عربي.
الكتاب الثالثتكلم فيه عن الأمراض التي تصيب أعضاء الجسم المختلفة، وذكر أسبابها وأعراضها
وعلاجها وأحيانا إنذارها.
الكتاب الرابع