إذا
سافر الزوج وأراد اصطحاب زوجته وجب عليها مرافقته والانتقال معه ، ما دام سيوفر لها
الحياة المناسبة ، ولا ضرر عليها في هذا السفر .
قال
الإمام مالك رحمه الله :
"
وللزوج أن يظعن [أي : يسافر] بزوجته من بلد إلى بلد وإن كرهت ، وينفق عليها " انتهى
.
"تهذيب المدونة" (1/421) .
وقال ابن قدامة في "المغني" (8/181) :
"تَسْتَحِقُّ الْمَرْأَة النَّفَقَةَ عَلَى زَوْجِهَا بِشَرْطَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنْ تَكُونَ كَبِيرَةً يُمْكِنُ وَطْؤُهَا
الشَّرْطُ الثَّانِي : أَنْ تَبْذُلَ التَّمْكِينَ التَّامَّ مِنْ نَفْسِهَا
لِزَوْجِهَا , فَأَمَّا إنْ مَنَعَتْ نَفْسَهَا أَوْ مَنَعَهَا أَوْلِيَاؤُهَا ,
فَلَا نَفَقَةَ لَهَا , وَإِنْ أَقَامَا زَمَنًا , فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله
عليه وسلم تَزَوَّجَ عَائِشَةَ وَدَخَلَتْ عَلَيْهِ بَعْدَ سَنَتَيْنِ , وَلَمْ
يُنْفِقْ إلَّا بَعْدَ دُخُولِهِ , وَلَمْ يَلْتَزِمْ نَفَقَتَهَا لِمَا مَضَى .
وَلِأَنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ الْمُسْتَحَقِّ
بِعَقْدِ النِّكَاحِ , فَإِذَا وُجِدَ اسْتَحَقَّتْ , وَإِذَا فُقِدَ لَمْ
تَسْتَحِقَّ شَيْئًا .
وَلَوْ بَذَلَتْ تَسْلِيمًا غَيْرَ تَامٍّ , بِأَنْ تَقُولَ : أُسَلِّمُ إلَيْك
نَفْسِي فِي مَنْزِلِي دُونَ غَيْرِهِ . أَوْ فِي الْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ دُونَ
غَيْرِهِ . لَمْ تَسْتَحِقَّ شَيْئًا , إلَّا أَنْ تَكُونَ قَدْ اشْتَرَطَتْ ذَلِكَ
فِي الْعَقْدِ ; لِأَنَّهَا لَمْ تَبْذُلْ التَّسْلِيمَ الْوَاجِبَ بِالْعَقْدِ ,
فَلَمْ تَسْتَحِقَّ النَّفَقَةَ" انتهى باختصار .
ويتأكد هذا الحق لك بأنك قد أخبرتهم بذلك ووافقوا .
فيجب على المرأة طاعة زوجها بالسفر معه ، والاستقرار معه في البلد التي فيها معاشه
، مادام أنها تعيش بها حياة كريمة .
وعليها أن تتحلى بالصبر ، وتحاول التأقلم مع البيئة الجديدة التي تعيش فيها ،
فتكوّن صداقات مع أخواتها المسلمات ، وتشاركهن في الطاعات وصنائع المعروف ، من حفظ
القرآن والتزاور ونحو ذلك .
وعليها أن تتذكر دائما عظيم حق زوجها عليها ، وأن عليها طاعته ، والقيام على أمره ،
ومحبة صحبته ، والرضا بالعيش معه على كل حال ، فبذلك تقوم البيوت المسلمة على أواصر
المحبة والوئام ، وبه تتم المعاشرة بالمعروف ، والتي بها تتم مقاصد النكاح .
ولتعلم أن هذا الإحساس الذي تشعر به هو مؤقت وسيزول بإذن الله تعالى مع الصبر
والتحمل والاستعانة بالله تعالى ، كما وقع ذلك لكثيرات غيرها .
وعلى الزوج أن يعلم أن هذه الشكوى ليست شكوى زوجته وحدها ، بل كثيرات يشتكين الشكوى
نفسها ، بسبب الشعور بالغربة والوحدة ، فعلى الزوج معالجة الأمر بالحكمة والتروي ،
وبذل كل ما يمكنه في سبيل إعانتها على تجاوز هذه المشكلة ، فيعطيها جزءاً من وقته
على قدر استطاعته ، فلا يتأخر في رجوعه إلى البيت بعد انتهاء العمل ، ولا يخرج من
البيت بعد انتهاء عمله ، إلا لحاجة ملحة ، وإذا أمكن أن يصطحب زوجته معه فليفعل ،
ويساعدها في إيجاد صديقات لها يساعدنها على ألم الوحدة والغربة ، وليستعن بالعقلاء
من أهلها لنصحها وترشيدها ، وإغرائها بالعيش في السعودية ، حيث تتمكن من الحج
والعمرة والصلاة في الحرم ونحو ذلك .