5- أن يكون الحفظ بالتلقي:
بد من المشافهة في تعليم هذا العلم لأنك قد تخطئ في قراءة بعض الآيات
فتحفظها كذلك. فيجب على الحافظ أن يعرض حفظه على حافظ متقن للقراءة السليمة
حتى ينبه على أخطاء في النطق أو التشكيل أو غير ذلك. فقد أخذ الرسول الله ـ
صلى الله عليه وسلم ـ القرآن من جبريل عليه السلام شفاهاً وأخذه الصحابة
عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ شفاهاً وسمعه منهم وأخذه كل جيل شفاهاً.
6- أن تكون القراءة والحفظ على نسخة واحدة:
لأن الإنسان وهو يقرأ يتخيل موضع الآيات. فإذا اختلفت النسخ فإن هذا مدعاة إلى
تشتت الذهن مما يؤدي إلى سوء الحفظ لأن الإنسان يحفظ بالنظر كما يحفظ
بالسمع.
7- اغتنام سني الحفظ الذهبية:
فالموفق من وفقه الله إلى اغتنام سنوات الحفظ الذهبية وهي من سن الخامسة إلى
الثالثة والعشرين تقريباً. فبعد سن الثالثة والعشرين يبدأ الخط البياني
للحفظ بالهبوط ويبدأ خط الفهم بالصعود. وقد صدق من قال
حفظ في الصغر كالنقش على الحجر والحفظ في الكبر كالنقش على الماءومن فاتته هذه الفرصة فلا ييأس. فالموفق من وفقه الله تعالى واستعن بالله ولا تعجز.
8- النظر في حال الصالحين:
وإليك أمثلة من قوة حفظ وحرص السلف رحمهم الله تعالى علها أن تكون سبباً لحفظ القرآو قال حفص بن غياث: "من جلالة ابن أبي ليلى أنه قرأ القرآن على عشرة شيوخ".
- وقال مجاهد: "صليت خلف مسلمة بن مخلد. فقرأ سورة البقرة فما ترك واواً ولا ألفاً"
- وكان الأعمش يعرض القرآن فيمسكون عليه المصاحف. فلا يخطئ في حرف واحد.
ومن حفظهم في غير القرآن:
قال أبو داود: "أملى إسحاق أحد عشر ألف حديث من حفظه. ثم قرأها علينا فما زاد حرفاً ولا نقص حرفاً". وقال عمر بن شبه : " أحفظ ستة عشر ألف أرجوزة".
9-العناية بالمتشابهات:
القرآن الكريم متشابه في معانيه وألفاظه. قال تعالى : (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ
الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) (الزمر: 23)، لذا يجب على القارئ الجيد أن
يعتني عناية خاصة بالمتشابهات ـ نعني التشابه اللفظي ـ وعلى قدر الاهتمام
به يكون الحفظ الجيد
10- احذر المعاصى
فمن أثار المعاصي نسيان العلم والحفظ. قال الضحاك رحمه الله: "ما تعلم أحد
القرآن فنسيه إلا بذنب" ثم قرأ: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فِبِمَا
كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِير) (الشورى: 30) ثم قال: "وأي
مصيبة أعظم من نسيان القرآن؟" وقال بشر بن الحارث: "إن أردت أن تلقن
العلم فلا تعصي"
إذا كنت في نعمة فارعها فإن الذنوب تزيل النعم
وخطها بطاعة رب العباد فرب العباد سريع النقم
11- وأخيراً مما يعينك عل حفظ القرآن (الدعاء):
ادع
الله عز وجل بصدق وإخلاص أن يعينك على حفظ كتابه وأن يكون قصدك مرضاته
علماً وعملاً قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (وأعجز الناس من عجز عن
الدعاء) (صحيح الجامع: 1019).
وماذا بعد الكلام
من أحسن صحبة القرآن وتلاوته وحفظه وتدبر معانيه وتطبيق أحكامه فإن القرآن
يصحبه حتى يقوده إلى الجنة في درجاتها العالية كما قال ـ صلى الله عليه
وسلم ـ : (يقال لصاحب القرآن: اقرأ ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك
عند آخر آية تقرؤوها) فهذا القرآن سهل قراءته. سريع حفظه. ميسر فهمه، قال
تعالى: (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا القُرْآنَ لِلذِّكْرِ) (القمر: 17) وتأمل في
حال الصغار وكيف يسره الله عليهم قراءة وتلاوة وحفظاً، ولتكن بيوتنا مثل
بيوت سلف الأمة لا تسمع فيها إلا صوت القرآن والذِّكر.
فشـــمر ولُــذ بالله واحفظ كتـــابـــه ففيه الهدى حقــاً وللخيـر جامع
هو الذخر للملهوف والكنز والرجا ومنــه بلا شـــك تنــال المنــافع
به يهتدي من تاه في معمة الهوى بـــه يتســلى من دهته الفجائـع
فاللهم
اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا، وجلاء وذهاب همومنا وغمومنا
وسائقنا ودليلنا إلى جناتك جنات النعيم، اللهم أصلح نياتنا وذرياتنا، واغفر
لنا وارحمنا ووالدينا وجميع المسلمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى
آله وصحبه أجمعين