وأخيراً وجدتُ نفسي ح 23ــ بقلم الكاتب رجب الجوابرة

وأخيراً وجدتُ نفسي ح23 ــ بقلم الكاتب رجب الجوابرة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عرفتها حق المعرفة ..!! يا إلهي ...!!! إنها شوشانة ...!!!!!!
لم أقترب منها أكثر من ذلك .. هي على بعد خطواتٍ مني .. توقعتُ أن يكون إيشاي برفقتها .. تسمرتُ في مكاني .. لا زال حبها في قلبي الذي جعل يرقص فرحاً ... كيف لا أحبها .. و أنسى حبها .. وقد ترعرعت طفولتي على يديها .. ازدادت خفقات قلبي .. أودُّ أن ألقي بنفسي في حضنها .. لأستعيد ذكرياتي معها .. أشم رائحتها التي كم عبقتُ بعبيرها ...
حبيبتي شوشانا أمام عيني .. وعلى بعد خطواتٍ مني .. ولا استطيع الاقتراب منها .. قلبي ينقبض .. اغرورقت عينايَ بالدموع .. تذكرتُ أيامي معها .. كم وهبتني من حنانها الفياض ..كم عصرتني بين ذراعيها .. ها هيَ أمامي .. بشحمها ولحمها ...
حتى الآن لم تلا حظ وجودي .. أتمنى أن تراني .. لأرى ما ستفعلهُ معي .. مرت دقائق لاحصر لها .. مشدوداً إليها .. أدارت وجهها نحوي .. لحظتني .. انتبهت لوجودي .. عرفتني .. نهضت مسرعةً إليَّ .. وعلى الفور ألقت بجسدها بين ذراعيَّ .. تعانقنا .. حملتها رفعتها عن الأرض أدورُ بها من شدة الشوق والفرح .. تعانقنا عناق المحبة التي لا مثيل لها .. بعد غيابٍ طويل .. استمر أكثر من عام .. ضمتني إلى صدرها مراتٍ عديدة .. تبكي بحرقة .. دموعها تتساقطُ بغزارة .. أثارت شجوني .. بكيتُ معها .. هدأنا جلسنا على الرمال .. تلاقت العيون .. والتقت الشفاه .. كنتُ ضائعاً وجدتني .. كانت ضائعة وجدتها ....
سألتها :
ــ كيف حالكِ ..؟ وما الذي جرى بعدي ..؟؟؟
قالت بحزنٍ وأسى :
ــ تخاصمتُ مع إيشاي بسبب طردهِ لكَ ..! اشتدت المشاكل بيننا .. ما عدتُ أطيقهُ ..! عذبني ..! أغلق الباب عليَّ .. لكنني لم أسكت ..! طلبتُ الانفصال عنهُ .. رفعتُ عليهِ قضية في المحكمة .. ابتعدتُ عنهُ ..! أظهر كل شرورهِ نحوي .. حاول الانتقام مني ..! ولكنني وكلتُ محامياً قديراً في قضيتي ..
حُكمَ لي بعد ستة أشهر ..! وتم الانفصال ..!! وأنا الآن حرةً طليقة ..! لا يعكرُ حياتي أي شيء ..!!!
قلتُ بحنانٍ وشوق :
ــ يعني تعذبتِ من أجلي ..؟؟؟
قالت وقد شعرتُ بمدى حبها لي :
ــ أنت لا تقدّر مكانتك عندي وفي قلبي ..!! آثرتُ لو قتلني في ذلك اليوم ولم يفعل فعلتهُ .. جنى عليَّ وعلى نفسهِ ..! عندما قام بطردكَ ..إ كما جنى عليك قلتُ وأنا أقبلُ يديها بعد أن سمعتُ كلامها :
ــ الحمد لله أنكِ تخلصتِ منهُ ومن عذابهِ ..!!
قالت ممسكةً بيديَّ :
ــ كان مثل الكابوس يكتم أنفاسي ..!! شعرتُ بطعم الحرية عندما تخلصتُ منه .. مثل الطير عندما يفلتُ من قفصهِ وراح يحلق في عنان السماء ..!!
ولكنك لم تحدثني عما جرى لكَ بعد خروجك من البيت ..؟؟
بكلماتٍ مختصرة .. شرحتُ لها ما حدث لي منذ ذلك اليوم حتى لقائي بها ... ثم سألتها :
ــ وأنتِ ..؟ أين تقيمين الآن ..؟؟ وما ذا تعملين ..؟؟
ــ أسكنُ في شقةٍ صغيرة في إحدى ضواحي تل أبيب ..!! وأعمل في روضة أطفال ..!!
خرجتُ في ذلك اليوم أبحثُ عنك ..!! جبتُ جميع شوارع المدينة .. وعندما لم أعثر عليك ..!! عدتُ إلى البيت منهكةً متعبةً يائسة ... !! الحمد لله أنني وجدتكَ ..!! ما رأيكَ أن تقيم معي في شقتي ...؟؟؟ وتترك هذا العمل المشين ..؟؟
فرحتُ فرحاً شديداً بعرضها هذا علي .. فقد جاء في وقتهِ .. لأنني مللتُ وجودي في منزل الدعارة ...
كنتُ أحسُّ بنفسي أنني أقوم بعملٍ يتنافى مع مبادئ الأخلاق .. والشرف والفضيلة .. وخصوصاً بعد أن عرفتُ حكاية داليا ..!!!
قلتُ مجيباً :
ــ وهل تعتقدين بأنني سأترككِ بعدما عثرتُ عليكِ .. وما سمعتهُ منكِ وتعذبتِ من أجلي ..!!!!؟؟؟
قالت بسرورٍ واضح :
ــ سنعيشُ معاً أحلى أيام عمرنا ..!! هيا بنا ..!!
قلتُ وقد كدتُ أطيرُ فرحاً :
ــ انتظريني هنا بعض الوقت ..! حتى أعودَ بحقيبة ملابسي .. ونذهب معاً .. المنزل قريبٌ من هنا .. لن أتأخر ...!!!
قالت بابتسامة الفرح :
ــ ها أنا في نفس مكاني في انتظارك ..! أسرع ..!!
عدتُ إلى المنزل .. رتبتُ ملابسي .. بعد أن ارتديتُ ما يستر جسدي .. حملتُ حقيبتي متوجها نحو صاحبة المنزل التي تجلسُ في غرفتها الخاصةٍ بها ... ألقيتُ التحية وقلت :
ــ لو سمحتِ ..!! أريد بقية حسابي ..!!
انتفضت من جلستها مندهشةً وقالت :
ــ ما الذي جرى ..؟؟ أتريد أن تتركنا ..؟؟؟
قلتُ بنوعٍ من الحزم والجد :
ــ لم أعد أرغب في البقاء هنا لحظةً واحدةً ..!!!
قالت وقد بدا التأثر على وجهها :
ــ لماذا .. ؟؟ نحن بحاجةٍ إليكَ يا يوشع ..!!!
قلتُ مصمماً :
ــ انتهى يا سيدتي ..! لم يعد لي عيشٌ هنا ..!! أرجوكِ ..!!!!
قالت متوسلةً :
ــ إذا كان أجركَ قليلاً ..!! أزيدهُ لك ..!!
قلت :
ــ لا ..!! ليس هذا هو السبب ..!!!!
وجدت السيدة أنني مصممٌ على إنهاء عملي لديها .. فاضطرت أن تعطيني ما تبقى لي من أجر .. ثم ودعتني وهي تبكي متأسفةً لتركي العمل عندها ...
قالت :
ــ لا تنسانا ..!!! أرجوك أن تأتي إلينا من حينٍ إلى آخر ولا تقاطعنا والبيتُ مفتوحٌ لكَ في أي وقت ..!!!
قلتُ مودعاً :
ــ لن أنساكم .. وسوف أحضر هنا كلما سنحت الظروف ... وأنا أشكركِ لحسن إقامتي في منزلك كل هذه المدة ..
قالت يائسة :
يتبع ــــــــــــــــــــ إلى اللقاء في الحلقة التالية

الصبر يا صديقتي كل شيءٍ بأوانهِ ..
أشكر لكِ متابعتكِ .. وكل شيءٍ سيتضح
في الحلقات المقبلة ... توكلي على الله ولكِ
أجمل تحياتي وتقديري